حكم الشريعة في التبرع بقرنية العين

ورد الى دائرة الإفتاء سؤال موجه من سمو الامير رعد بن زيد رئيس جمعية اصدقاء بنك العيون الاردني والوقاية من فقدان البصر لإبداء الرأي عن حكم تبرع المواطنين بقرنيات عيونهم بع الوفاة لزرعها عند بعض المواطنين المهددين بالعمى

الجواب

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وبعد: فإن قواعد الشريعة الاسلاميه تبيح الإستفادة من قرنيات عيون الموتى لزرعها في عيون المرضى المهددين بالعمى، وذلك ضمن الشروط التالية
التحقق من وفاة المتبرع#
أن يكون هناك ظن غالب لدى الاطباء بنجاح عملية الزرع#
أن يكون الميت قد أوصى بالتبرع قبل موته أو رضي الورثه بذلك#

ومن الإدلة الشرعية المؤيدة لجواز هذا الأمر

اولاً: أن نقل الأعضاء من الأموات الى الأحياء فيه حفظ النفوس التي جاءت الشريعة الاسلامية بوجوب المحافظه عليها

ثانياً: لا شك ان العمى أو فقدان البصر ضرر يلحق بالانسان ودفع هذا الضرر ضرورة شرعية تبيح نقل قرنيات عيون الاموات الى عيون الأحياء، وهذا يندرج تحت القواعد المتفق عليها مثل: “الضروريات تبيح المحظورات”، و ” الضرورة تقدر بقدرها”، “لا ينكر ارتكاب اخف الضررين”

ثالثاً: ان اخذ قرنية الميت لزرعها في عين إنسان حي لاستعادة بصره لا يعد من قبيل المثله التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، هي التي بها إهانة الميت والاستخفاف بشأنه وانتهاك حرمته

أما في هذه الحالة فهي تكريم للإنسان الحي الذي استعاد بصره وإعانه على التمتع بنعمة الله عليه بالبصر وشكرها

ولهذا ذهب الفقهاء الى جواز شق بطن الأنثى الحامل التي ماتت، وذلك لإخراج الجنين الذي ترجى حياته. وقد علل الفقهاء ذلك بقولهم: “إن حرمة الحي وحفظ نفسه أولى من حفظ الميت عن المثله”، قال تعالى:”وما يستوي الأحياء ولا الأموات”

رابعاً: دعت الشريعة الاسلامية الى التداوي وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء ، فداووا ولا تتداووا بحرام” ونقل قرنيات العيون من الاموات الى الأحياء هو من قبيل التداوي والمعالجه

خامساً: يدخل التبرع بقرنيات العيون الى الاخرين المصابين بفقد البصر في مفهوم الصدقة التي حثت الشريعة الاسلامية على بذلها للآخرين من ذوي الحاجات وحاجة المريض المهدد بصره بالعمى الى البصر أشد من حاجته الى الطعام والشراب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن ستر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”. والله أعلم

أما رأي الدين المسيحي عن تبرع المواطنين بقرنيات عيونهم بعد الوفاة جاء في
كلمة الأب نبيل حداد رئيس مركز التعايش الديني

بسم الله الواحد الأحد خالقنا جميعا الذي إياه نعبد وإياه نستعين مسيحيين ومسلمين
سيدي الأمير الإنسان، أميرنا الطيب
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة
صاحب السماحة أستاذنا ومعلمنا أخي الكبير الشيخ عبد الكريم الخصاونه مفتي عام المملكة
أيها الحفل الكريم .. أسعد الله أوقاتكم
ما أجمل أن نجتمع ههنا اليوم . نجتمع ونحن نرسم في لقائنا هذا، صورة ولا اروع للحب وصورة للإنسانية وصورة للخُلُق
اليوم نسجل شهادة للوطن. هذا الوطن الذي يجمعنا تحت سمائه المباركة على هذه الأرض المباركة في مسيرة مباركة
اقول : السلام لكم أنتم يا أصحاب التقدير الذين تبرعتم
تبرعتم فنلتم شهادات التقدير، وقبلها ومعها وبعدها، تنالون تقدير السماء والرضا
طوبى للذين يصنعون الخير والسلام. ولكم أيضا اقول : طوباكم فانتم فائزون
في موقف كهذا، سيدي صاحب السمو، يكون الحديث عن موقف الدين طيبا
ألا نرى في فعل من نكرمهم،في هذه القاعة، تجسيدا لوصية السماء وأوامر الدين وكتبنا المقدسة
نحن جميعا نتفق. وموقفنا واحد ٌ وهو أن السماء تأمر أن يحب الإنسان قريبه-الذي هو أخوه- كنفسه. وهل هناك -كما يقول الكتاب المقدس-“حبّ أعظم من هذا، ان يبذل الانسان نفسه من أجل احبائه”
اللقاء اليوم، في هذه القاعة، هو لتكريم من تبرعوا. فنتوقف عند هذا التبرع الكريم وعند هذا الحب. نتوقف باحترام عند هذا الكرم المستند الى الايمان، وهو في أساسه مزيّن بالحب للأنسان والسعي الى مرضاة السماء
يقول الكتاب المقدس “اكنزوا لكم كنوزاً في السماء، حيث لا يفسد سوسٌ ولا صدأ ولا ينقبُ السارقون ولايسرقون”
إن كنزنا هو ان نفعل الخير. فهل يمكن لفعل الخير ان يكون اجمل واطيب وانبل واسمى واقدس واكثر بركة من هذا الكرم وهذا الحب وفيه تقدمة ولا أغلى لشخص يحتاج إلى نعمة البصر؟ وكأني بالسيد المسيح له المجد، ايها الاحبة، يربّت اليوم على اكتاف الذين تبرعوا. لقد كان السيد المسيح حريصاً على ان يعالج المريض ويشفي السقيم ويعطي للاعمى فيبصر وللمشلول فيقف ويستقيم. وكأني بالسماء تفرح معنا وتقول: بوركت هذه الجهود الطيبة
صاحب السمو .. أيها الحفل الكريم
اننا في هذه القاعة متفقون. وما نحن بصدده تجسيد لرأي الدين في المسيحية وفي الاسلام. هنا الرحمة والمحبة تتلاقيان
إن الحاجة تدعونا ان نصل الى الاخرين لنقول لهم ان هذا هو بحقٍّ ما يأمر به الايمان. والاردنيون بطبعهم لا يخذلون نداء السماء ولا نداء الوطن ولا نداء قيادتهم
السيد المسيح يقول لنا في الكتاب المقدس ” مجّدوا الله في اجسادكم وفي أرواحكم فهي لله”. هذا الجسد لا نمتلكه نحن. بل هو للخالق وهو الذي يمتلكه. وهو سبحانه الذي يستحق التمجيد
اقف اليوم معكم لاقول للاهل الكرام الذين تبرعوا للاخوة الذين استفادوا من هذا التبرع: هذا هو التكافل
هذا هو الحب. وهذا هو نهجنا نحن كاردنيين يؤمنون بالسماء وبالوطن وبكرامة هذا الوطن وبكرامة انسانه
وما امتداد اليد لتساعد من يحتاج، الّا فعل محبة وصدقة، به نكون الى الله والى السماء أقرب
بورك فيكم